سعادة وزير الخارجية يؤكد دعم دولة قطر للشعب السوري
أكد سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية أن محنة الشعب السوري لا تزال قائمة بل وتزداد سوءا بالرغم من عدد اللقاءات والمبادرات بشأن الأزمة القائمة منذ خمس سنوات في سوريا، موضحاً أن المأساة انتقلت من أطنان القنابل والبراميل المتفجّرة والصواريخ التي تسقط على رؤوس الشعب السوري على مدار الساعة إلى الموت تجويعاً أو حرماناً من الدواء وأساسيات الحياة الأخرى. وبين سعادته في كلمة له أمام مؤتمر الدول المانحة لسوريا الذي عقد اليوم في لندن، أن الأدهى والأمرّ هو ما نراه الآنَ ونسمعُـه، على هامش محادثات جنيف، من تصريحات سياسية واستهتار بمصير أهالي القرى والبلدات المحاصرة، مثل الزبداني والفوعة وكفريا، الذين يَـتَـضَـوَّرونَ جوعاً بينما المسؤولون عن مأساتهم مستمرّون في المساومة بكارثة إنسانية مقابلَ مكاسبَ سياسية واهـمَـة، مُـتَـحَـدّينَ بذلك جميعَ الدَّعوات الصادرة من أطراف فاعلة في المجتمع الدولي والمشدّدَة على ضرورة الابتعاد عن المقايضة بأزمة الأهالي المحاصَرين في أيّ عمليّـة تَفاوُضيّـة سياسيّـة. وقال سعادة وزير الخارجية إن "الأمل كان معقوداً على أن يكونَ موعدُ جنيف انطلاقة حقيقية لبداية حلّ سياسيّ شامل للأزمة السورية تلتزم به جميعُ الأطراف المعنية بالصراع، لكنَّ ما نلاحظه للأسف هو إصرارُ البعض على إطالة عُـمُـر الأزمة ودفع الأوضاع إلى مستويات أشدَّ من التعفُّن، والـمُـحَـصّـلَـةُ النهائية هي إلحاقُ المزيد من الأذى بالمدنيّين السوريين الذين يجدون أنفسهم الآن في وضع أشبَـهُ بضحايا حُروب الإبادة التي عَـرَفـَها القرنُ الماضي". وأضاف: الخَـيّـرون في المجتمع الدولي لا يزالون مُصرّين على بذل أقصى ما يملكون من جهد ومساع ومال من أجل وضع حدّ للكوارث التي تحلُّ بالشعب السوري، وما مؤتمرُنا اليومَ إلا دليلٌ على أنَّ المبادرات الخَـيّـرةَ مستمرةٌ، ودولة قطر كعادتها حاضرةٌ للمساهمة، من خلال مؤسساتها الرسمية والخيرية، في مواساة أطفال ونساء وشيوخ سوريا الذين ضاقت عليهم بلادُهم بما رَحُـبَـت، والعالمُ من حولهم بين متفرّج ومتحسّر لا يقوى على فرض حلّ جذريّ لهذه الأزمة. وأوضح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أنه قبل بضعة أيام جدَّدَ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لسعادة السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة حرصَ دولة قطر على المساهمة في كافة الجهود المبذولة لتقديم العون للاجئين السوريين وتخفيف معاناتهم وأكَّدَ استمرارها في موقفها الداعم للشعب السوريّ الشقيق حيث بلغت إجمالي مساهمات دولة قطر لصالح السوريين ما يقارب 1.6 مليار دولار. وتابع قائلا: "واستمرارا لالتزامنا وتجسيداً لوعودنا فإننا نعلن هنا، تَـعَـهُّـدَ دولة قطر بمبلغ مئة مليون دولار أمريكي لصالح الشعب السوري، حيث سيتم تخصيص 20 مليون دولار من إجمالي التعهد، لتمويل المبادرة القطرية للتعليم والتطوير المهني التي أطلقتها دولة قطر خلال مشاركتها في المؤتمر الثالث للمانحين العام الماضي". وطرح سعادة الوزير تساؤلاً مفاده ما جدوى هذه المساعدات والـمـنَـح إذا كانت لا تصلُ إلى أهلها في وقتها ولا تخـفّـفُ من محنتهم شيئا؟ وأكد سعادته على أنّ دولة قطر، مستعدةٌ للوفاء بتعهداتها، لكن الذي يـهـمُّـها أكثر، هو أن تصل هذه الـمُخَـصَّصاتُ إلى مستحقيها وأن تؤدّيَ الغرضَ الإنسانيَّ المرجوَّ من ورائها ونرى أثَـرَ ذلك على حياة السوريين. وقال: وهنا قد نقول إنّ نتائجَ مؤتمرنا هذا لن تؤدّيَ كامـلَ الغرض المطلوب منها إذا لم ننجح في تحرير الجانب الإنسانيّ للأزمة السورية من مخالب المسؤولين السياسـيّـين، وهذه مسؤوليةٌ تَـقَـعُ على عاتق المجتمع الدولي ومؤسساته التي يتعينُ عليها أن تضعَ حدًّا فاصلا بين المعاناة الإنسانية والمساعي السياسية لحل هذه الأزمة وتُـجـبـرَ الأطرافَ المتقاعسة والمراوغة على القبول والالتزام بجميع ما تم الاتفاق عليه من خطوات بشأن العملية الانتقالية السياسية في سوريا، للتوصل إلى نتيجة تُـرضي السوريّينَ أوَّلاً وتُـنـهي واحدةً من الأزمات الإنسانية التي تبقى نقطـةً سوداءَ في تاريخ البشرية الحديث، لينهضَ بعد ذلك الشعبُ السوريُّ لبناء دولة عصرية ديمقراطيـــة أساسُها العدلُ والكرامــةُ والحرية. وكان سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية قد افتتح كلمته بتقديم الشكر لدولة الكويت الشقيقة أميراً وحكومة، وحكومات الدول الصديقة المملكة المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية ومملكة النرويج على مبادرتهم بالدعوة لعقد هذا الاجتماع الهام، كما أعرب سعادته عن بالغ التقدير للمملكة المتحدة على حسن الإعداد والتنظيم والاستضافة لهذا المؤتمر، وثمن جهود سعادة الأمين العام للأمم المتحدة ومعاونيه في الإعداد الجيد لضمان إنجاح هذا المؤتمر.